الجزء الاول
تقديم
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
ها نحن أيها القارئ العربي العزيز نضع بين يديك كتابا جليلا من كتب تراثنا العربي ليكون لك عونا في التعرف على ماضي من سبقوا و وضعوا لبنة في بناء الحضارة العالمية، و في مهد الحضارات و أمّ الدنيا مصر العزيزة.
هذا الكتاب، كتاب المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط و الآثار و المعروف بالخطط المقريزية، نسبة لمؤلفه العلامة الجليل تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي المقريزي المتوفى سنة 845 ه.
و الذي يؤرخ فيه لأمّ الدنيا مصر العزيزة خلال الفترة الممتدة من سنة عشرين للهجرة النبوية الشريفة و حتى سنة ست و تسعمائة. مبينا فيه ما للنيل العظيم من أثر في حياة مصر، متعرضا لمناخها و طقسها، مؤرخا للكيفية التي تمّ بها إنشاء كل من مصر و القاهرة. القاهرة التي اختط أساسها القائد جوهر من الطوب النيء، مبتدئا بحارات القاهرة و ظواهرها معددا سبعا و ثلاثين حارة مبينا كيفية بناءها و من قام على هذا البناء منطلقا إلى ما لا يطلق عليه اسم حارة أو درب بل يسمّى خطا، و هي كثيرة و كل قليل تتغير أسماؤها و قد أورد ما تيسّر له منها فكانت ثلاثون خطا، مبينا ما كان عليه كل خط و ما آل إليه و من أمر بإنشائه و من قام على إنشائه و أسباب إنشائه. منتقلا إلى ذكر الدروب و الأزقة مبينا أسماءها التي كانت و ما ذا أصبحت و إلى من تنسب من الأشخاص و ما فيها من محال و دكاكين، و كان عددها خمس و ستون دربا و ثمان أزقة. ثم يعدد الخوخ، و الخوخة نافذة في باب كبير و عددها أربع عشرة خوخة. ثم ينتقل إلى الرحاب، و الرحبة تعني الموضع الواسع و الرحاب كثيرة لا تتغيّر إلّا بأن يبنى فيها و قد ذكر تسع و أربعون رحبة ثم ينتقل إلى ذكر الدور الهامة و عددها ست و خمسون دارا مسمّيا إياها بأسماء أصحابها. ثم ينتقل إلى ذكر الحمامات و القياسر و الفنادق و الخانات و الأسواق و السويقات و الحكر أو الأحكار، مترجما لها و للأمراء و السلاطين الذين عملوا على بنائها.
ثم ينتقل إلى الخلجان و القناطر و البرك و الجسور التي تمّ بناءها لجرّ مياه النيل إلى الحارات و الخطط.