5
وجود الشيء، كما انّه يمكن ان يكون التعبير بالصناعة أيضا باعتبار استنباط مسائل ذلك الفن، و لكن حق التعبير في مقام شرح عناوين العلوم هو التعبير عنها بما عرفت بكونها عبارة عن القواعد الخاصّة التي لها دخل في الغرض الّذي دعى إلى تدوينه، كالاقتدار على التكلم الصحيح مثلا في علم النحو.
و من ذلك البيان ظهر أيضا حال إضافة الموضوع إلى العلم فانه على ما ذكرنا لا بدّ و ان يراد من العلم في إطلاقه على العناوين الخاصّة و إضافة الموضوع الخاصّ إليه نفس القواعد الواقعية و إلّا فلا معنى لإضافة الموضوع إلى التصديق بها لأن معروض التصديق هو النّفس و متعلقه نفس القواعد فلا مجال بعد لإضافة الموضوع الخاصّ إليه.
كما انّه في إضافة الغاية إليه أيضا لا بد و ان يراد من العلم هذا المعنى فيما لو أريد من الغرض و الغاية ما يترتب على نفس القواعد الواقعية لا الأغراض المترتّبة على تحصيل العلم بها لأنّ ذلك لا يكون تحت ضبط بل يختلف باختلاف الأغراض الداعية إلى تحصيلها، فقد لا يكون غرض المحصّل لعلم النحو مثلا حفظ كلامه عن الخطأ و الغلط بل كان غرضه شيئاً آخر.
تذكار فيه إرشاد:
اعلم بأنّ المراد من الغرض و الغاية في كل شيء هو المقصد الأصلي الّذي دعى إلى تحصيل مقدّماته للتوصّل بها إليه، و من ذلك لا بدّ من ترتّبه عليها، و عليه فكما انّه لا بدّ في كل فنّ من غرض و غاية في نظر الجاعل له كذلك لا بدّ و ان يكون ذلك الغرض و الغاية مترتبا على قواعد ذلك العلم و الفنّ، و هذا بحسب أصل الكبرى ممّا لا إشكال فيه، نعم انّما الكلام في صغرى الغرض الداعي إلى جعل العلم و تمهيد قواعده و انّه أي شيء؟
و في مثله نقول بأنه لو جعلنا الغرض في كلّ علم عبارة عن تصحيح الأعمال القابلة للصدور من فاعلها قولا أو فعلا أو استنباطا، و بعبارة أخرى، حيث اتّصاف ذوات الأعمال القابلة للصدور من فاعلها بالصّحة قولا أو فعلا أو استنباطا كاتّصاف الكلام هيئة بالصّحة في النحو، و مادّة في الصرف، و افعال المكلّفين في الفقه، و نحو ذلك، فلازمه هو كون التصحيح المزبور مترتّباً على نفس القواعد الواقعية بلا دخل لشيء آخر