الجزء الثالث
معالم الدين:
[تتمة المطلب الثانى]
البحث الثاني في النواهي
أصل
اختلف الناس في مدلول صيغة النهي حقيقة، على نحو اختلافهم في الأمر. و الحقّ أنّها حقيقة في التحريم، مجاز في غيره؛ لأنّه المتبادر منها في العرف العامّ عند الإطلاق؛ و لهذا يذمّ العبد على فعل ما نهاه المولى عنه بقوله: لا تفعله، و الأصل عدم النقل؛ و لقوله تعالى:
وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا،أوجب سبحانه الانتهاء عمّا نهى الرسول (صلّى اللّه عليه و اله)، عنه؛ لما ثبت من أنّ الأمر حقيقة في الوجوب، و ما وجب الانتهاء عنه حرم فعله.
و ما يقال: من أن هذا مختصّ بمناهي الرسول (صلّى اللّه عليه و اله)، و موضع النزاع هو الأعمّ؛ فيمكن الجواب عنه: بأنّ تحريم ما نهى عنه الرسول (صلّى اللّه عليه و اله)، يدلّ بالفحوى على تحريم ما نهى اللّه تعالى عنه. مع ما في احتمال الفصل من البعد، هذا. و استعمال النهي في الكراهة شايع في أخبارنا المرويّة عن الأئمّة (عليهم السّلام)، على نحو ما قلناه في الأمر.