[الخمس من الفرائض]
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطاهرين و اللعن الدائم على أعدائهم الى يوم الدين.
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطاهرين و اللعن الدائم على أعدائهم الى يوم الدين.
{*empty#}صفحة فارغة (مطابق للمطبوع){#empty*}
كتاب الخمس بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ*
و هو من الفرائض (1) و قد جعلها اللّه تعالى لمحمّد (صلى اللّه عليه و آله) و ذريّته عوضا عن الزكاة إكراما لهم (2) و من منع منه درهما أو أقل كان مندرجا في الظالمين لهم و الغاصبين لحقهم (3) بل من كان مستحلا لذلك كان من الكافرين (4).
____________
(1) بمقتضى الكتاب و السنة و إجماع الفريقين و اتفاقهما على وجوبه في الجملة و ان وقع الخلاف فيه من حيث المورد و المصرف فيمكن أن يقال: إن وجوبه في الجملة من الضروري و يترتب عليه حكم بقية الضروريات.
(2) كما يدل عليه الخبر الثاني المذكور في كلامه.
(3) كما يستفاد من النصوص المشار إليها في المتن.
(4) اذا كان مستلزما لتكذيب النبي (صلى اللّه عليه و آله) الموجب للكفر.
ففي الخبر عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام)، ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: من أكل من مال اليتيم درهما و نحن اليتيم (1).
و عن الصادق (عليه السّلام) ان اللّه لا إله الّا هو لما حرّم علينا الصدقة انزل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال (2).
و عن أبي جعفر (عليه السّلام): لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا (3).
و عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام): لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئا أن يقول يا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس (4).
____________
(1) لاحظ الوسائل: الباب 1 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1.
و الحديث ضعيف بضعف اسناد الصدوق الى أبي بصير على ما كتبه الحاجياني سلمه اللّه تعالى.
(2) نفس المصدر الحديث: 2.
و الحديث مرسل و المستند منه ضعيف.
(3) نفس المصدر الحديث: 4.
و الحديث ضعيف سندا.
(4) و الحديث ضعيف بالارسال.
الوسائل: الباب 3 من أبواب الأنفال الحديث: 1.
فصل فيما يجب فيه الخمس و هو سبعة أشياء:
الأول: الغنائم المأخوذة من الكفّار من أهل الحرب قهرا بالمقاتلة معهم بشرط أن يكون باذن الامام (عليه السّلام) من غير فرق بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه و المنقول و غيره كالأراضي و الاشجار و نحوها بعد إخراج المؤن التي أنفقت على الغنيمة بعد تحصيلها بحفظ و حمل و رعى و نحوها منها، و بعد اخراج ما جعله الامام (عليه السّلام) من الغنيمة على فعل مصلحة من المصالح و بعد استثناء صفايا الغنيمة كالجارية الورقة، و المركب الفارة و السيف القاطع و الدرع فانها للإمام (عليه السّلام)، و كذا قطائع الملوك فإنها أيضا له (عليه السّلام).
و أمّا إذا كان الغزو بغير اذن الامام (عليه السّلام) فان كان في زمان الحضور و امكان الاستئذان منه، فالغنيمة للإمام (عليه السّلام)، و ان كان
في زمن الغيبة فالأحوط اخراج خمسها من حيث الغنيمة خصوصا إذا كان للدعاء الى الإسلام، فما يأخذه السلاطين في هذه الأزمنة من الكفار بالمقاتلة معهم من المنقول و غيره يجب فيه الخمس على الأحوط، و ان كان قصدهم زيادة الملك لا الدعاء الى الإسلام.
و من الغنائم التي يجب فيها الخمس الفداء الذي يؤخذ من أهل الحرب بل الجزية المبذولة لتلك السريّة بخلاف ساير أفراد الجزية.
و منها أيضا ما صولحوا عليه، و كذا ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم اذا هجموا على المسلمين في امكنتهم و لو في زمن الغيبة فيجب اخراج الخمس من جميع ذلك قليلا كان أو كثيرا من غير ملاحظة خروج مؤنة السنة على ما يأتي في أرباح المكاسب و سائر الفوائد (1).
____________
(1) و ادّعي عليه اجماع المسلمين.
و الأمر كذلك و تدل عليه الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الآية (1).
____________
(1) الانفال، 41.
..........
____________
و تدل على المدعى أيضا جملة من النصوص:
منها ما رواه ابن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: ليس الخمس الّا في الغنائم خاصة (1).
فوجوب الخمس في غنائم دار الحرب لا إشكال فيه اذا كانت مع الشرطين المذكورين في المتن، و أمّا مع فقد كلّ واحد منهما فيتعرض له الماتن و نتكلم حول كلامه إن شاء اللّه تعالى.
و ذلك لإطلاق الدليل و ادّعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع.
كالأراضي و الاشجار و ذلك بمقتضى اطلاق الآية الشريفة، فإن مقتضى اطلاقها ثبوت الخمس في المنقول و غيره كالأراضي و الأشجار.
و غاية ما يمكن ان يقال: انّ النصوص الواردة في المقام لا تشمل غير المنقول كحديث ربعي بن عبد اللّه بن الجارود عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) اذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له ثمّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس و يأخذ خمسه ثم يقسّم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ثم قسّم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس اللّه عزّ و جلّ لنفسه ثم يقسّم الأربعة أخماس بين ذوي
____________
(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.
..........
____________
القربى و اليتامى و المساكين و أبناء السبيل يعطي كل واحد منهم حقّا و كذلك الامام يأخذ كما أخذ الرسول (صلى اللّه عليه و آله) (1).
فانّ الحديث يختصّ بالمنقول لكن يكفي للعموم اطلاق الآية الشريفة.
اضف الى ذلك انه يستفاد الاطلاق من بعض النصوص الواردة في المقام لاحظ ما رواه ابن سنان (2).
لكن لا بد من رفع اليد عن الاطلاق بالادلة الدالة على كون الأراضي المفتوحة عنوة مملوكة للمسلمين، فإنّ نسبة تلك الادلة الى الاطلاق الكتابي و الحديثي نسبة الخاصّ الى العام و مقتضى القاعدة تخصيص العموم بالخصوص.
مضافا الى أنّه يمكن أن يقال: انّ الدليل الدالّ على كون الخمس في الغنائم يستفاد منه انّ الموضوع للحكم بالنسبة الى الغنائم و الحال ان الاراضي الخراجية لجميع المسلمين و لا تختصّ بالغانم بما هو كذلك، بل بما هو مسلم من المسلمين فلاحظ.
و المسألة محل الخلاف بين القوم، قال بعض: بعدمه و التزم
____________
(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، الحديث: 3.
(2) لاحظ ص 9.
..........
____________
بالاطلاق استنادا الى اطلاق الكتاب.
و اورد عليه بأنّ الآية لا تكون من هذه الجهة في مقام البيان فلا اطلاق لها.
و الذي يختلج بالبال أن يقال: لا وجه لمنع الاطلاق و لو منع من الاطلاق يكون الدليل قاصرا عن افادة الوجوب الّا في الجملة.
و أما على القول بالاطلاق فنحتاج في التقييد الى دليل دال عليه فنقول: يمكن تقريب المدعى بوجهين:
احدهما: انّ مقتضى العدل اخراج المئونة اذ المفروض انّ العين مشتركة فتوجّه الخسارة الى خصوص البعض، خلاف الانصاف.
ثانيهما: أنّه قد دلّ الدليل على أنّ الخمس بعد المئونة، لا حظ ما رواه اين أبي نصر قال: كتبت الى أبي جعفر (عليه السّلام): الخمس أخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة؟ فكتب: بعد المئونة (1).
فإن المستفاد من الحديث ان الخمس بعد المئونة لا أقول: انّ الحديث يشمل المئونة بعد التحصيل كي يقال: الظاهر منه المئونة السابقة على التحصيل، بل أقول: ما دام لا تصل العين الى ولي الأمر و هو الامام (عليه السّلام) لا تكون قابلة للاستفادة للغانم فتكون المئونة المصروفة في الحفظ و النقل و الرعي و أمثالها الى أن تصل الى الامام (عليه السّلام)، من المصارف التي تصرف قبل التحصيل.
____________
(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.
..........
____________
و لكن الإنصاف انّ الجزم به مشكل، أضف الى ذلك انّ الذي يختلج بالبال أن يقال: الدليل الدالّ على أنّ الخمس بعد المئونة يشمل جميع المؤن بلا فرق بين ما تصرف قبل الحصول و بعده فلاحظ.
و الوجه فيه انّ ما يخرجه الامام لا يكون غنيمة للغانم.
الفرع السادس: انّ متعلقه بعد اخراج الصفايا.
ادّعي عليه التسالم و يدل عليه ما رواه ربعي بن عبد اللّه بن الجارود (1).
و مثل صفايا الغنيمة في الحكم المذكور قطائع الملوك، و يدل عليه ما رواه ابن فرقد قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) قطائع الملوك كلّها للإمام و ليس للناس فيها شيء (2).
و ما يمكن أن يذكر في تقريبه وجوه:
الوجه الأوّل: الاجماع.
و فيه انّه على تقدير حصوله، محتمل المدرك.
الوجه الثاني: مرسل الصدوق، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: اذا
____________
(1) لاحظ ص 9.
(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب الانفال، الحديث: 6.
..........
____________
غزا قوم بغير إذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلّها للإمام، و اذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس (1).
و المرسل لا اعتبار به.
الوجه الثالث: ما رواه ابن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام):
السريّة يبعثها الامام فيصيبون غنائم كيف يقسّم؟ قال: إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الامام عليهم أخرج منها الخمس للّه و للرسول و قسّم بينهم ثلاثة أخماس إن لم يكونوا قاتلوا عليهما المشركين كان كلّ ما غنموا للإمام يجعله حيث أحبّ (2). و الظاهر انّ الوجه المذكور تامّ، فان الشرط المذكور يستفاد من الحديث.
و الوجه فيه اطلاق دليل الوجوب كالآية الشريفة و لا مقيّد لها بالنسبة الى زمان الغيبة، فانّ المفروض في حديث ابن وهب ان الامام (عليه السّلام) حاضر و بعث سرية فالاطلاق بالنسبة الى زمان الغيبة محكّم.
و لا أدري ما الوجه في تعبير الماتن بالاحتياط و الحال ان الصناعة تقتضي أن يقال الاظهر.
و يمكن أن يكون الوجه فيه ان التورّع في الفتوى يقتضي التعبير المذكور.
____________
(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب الانفال، الحديث: 16.
(2) نفس المصدر، الحديث: 3.
..........
____________
و صفوة القول: انّ الاطلاق يقتضي العموم كما في المتن، و أمّا الخصوصية التي في كلامه بالنسبة الى مورد الدعاء الى الإسلام فلعلّ الوجه فيها ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: كل شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله الّا اللّه و ان محمدا رسول اللّه، فانّ لنا خمسه و لا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا (1).
و السند ضعيف بالبطائني.
و الوجه فيه إطلاق دليل وجوب الخمس في الغنيمة.
بلا فرق بين الحضور و الغيبة، و ذلك للإطلاق.
و ذلك لأنّه لو لوحظ فيه ذلك كان ثبوت الخمس في الغنائم و غيرها كالمعدن و الغوص و نحوهما لغوا.
و بعبارة اخرى: يستفاد من ادلّة العناوين الخاصّة وجوب الخمس فيها بالخصوص.
و إن شئت فقل: انّ المستفاد من الادلّة موضوعية تلك العناوين
____________
(1) الوسائل: الباب 2، من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 5.
(مسألة 1): اذا غار المسلمون على الكفّار فاخذوا أموالهم فالأحوط بل الأقوى اخراج خمسها من حيث كونها غنيمة و لو في زمن الغيبة فلا يلاحظ فيها مؤنة السنة، و كذا اذا اخذوا بالسرقة و الغيلة، نعم لو أخذوا منهم بالربا أو بالدعوى الباطلة، فالأقوى الحاقه بالفوائد المكتسبة فيعتبر فيه الزيادة عن مؤنة السنة و إن كان الأحوط اخراج خمسه مطلقا (1)
____________
لوجوب الخمس و مع الالتزام بكون الخمس فيها بعد مؤنة السنة إلغاء لها و يكون الموضوع للخمس شيئا واحدا و هو الربح.
و على الجملة: يرجع الأمر الى التناقض فلاحظ.
(1) ذكر الماتن (قدّس سره) في هذه المسألة ثلاثة فروع:
من باب كونه غنيمة لا من حيث كونه من الارباح.
و ما أفاده تامّ للإطلاقات من الكتاب و السنة بلا فرق بين زمان الحضور و الغيبة، غاية الأمر قد استفيد من النصّ الخاصّ انّه يشترط أن يكون القتال في زمان الحضور باذن الامام (عليه السّلام) و قد مرّ قريبا أنّه لا يلاحظ في ثبوت الخمس في الغنيمة مؤنة السنة.
و لا يمكن مساعدته، اذ المستفاد من الآية الشريفة و الروايات
(مسألة 2): يجوز أخذ مال النصاب أينما وجد لكنّ الأحوط اخراج خمس مطلقا و كذا الأحوط اخراج الخمس ممّا حواه العسكر من مال البغاة اذا كانوا من النصاب و دخلوا في عنوانهم و الّا فيشكل حلّية مالهم (1).
____________
الواردة في المقام انّ المأخوذ منهم في القتال موضوع للحكم، و أمّا المأخوذ بالسرقة و أشباهها فلا تكون موضوعة للحكم.
بل يكون من الفوائد المكتسبة فيكون في حكم بقية أرباح الكسب.
و ما أفاده تامّ، اذ المفروض انه خارج عن موضوع الغنيمة و يكون مصداقا من مصاديق الربح.
(1) قد تعرّض الماتن (قدّس سره) في هذه المسألة لفرعين:
و الظاهر انه لا وجه للاحتياط، فان الأقوى انه يجب فيه الخمس و الدليل على المدّعى حديثان:
احدهما: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:
خذ مال الناصب حيثما وجدته و ادفع إلينا الخمس (1).
و الثاني: ما رواه معلّى بن خنيس قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) و ذكر
____________
(1) الوسائل: الباب 2، من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 6.
..........
____________
مثله (1).
فان جواز أخذ ماله و وجوب اخراج خمسه مستفادان من الحديثين بوضوح انما الكلام في أنه موضوع مستقل لوجوب الخمس فلا يخرج منه مؤنة السنة أو أنه من باب وجوبه في مطلق الربح؟
و الحقّ هو الأول، اذ قد تقدّم منا ان الظاهر من الدليل كون الموضوع المذكور فيه مستقل في الموضوعية فادخاله في الأرباح الغاء لموضوعيته.
فانّه تقدّم آنفا جواز أخذ مال الناصب و لا فرق فيه بين موارده.
و لا أدري ما الوجه في التقييد في كلامه بما حواه العسكر، فانّ الظاهر عدم الفرق و الميزان في الجواز كون المال مالا للناصبي، اذ لا احترام لماله و أمّا اذا لم يكن الباغي ناصبيا فكما أفاد يشكل أخذ ماله فان التصرف في مال الغير يحتاج الى الدليل و الاجماع المدّعى على الجواز لا اعتبار به كما ثبت في محله.
مضافا الى كونه معارضا بمثله على ما في كلام سيّدنا الاستاد.
و يضاف الى ذلك: انه لو فرض تحصيل الاجماع لا يعتد به، اذ يحتمل أن يكون المدرك- في نظر القائلين- ما نقل من سيرة علي (عليه السّلام)
____________
(1) نفس المصدر، الحديث: 7.
(مسألة 3): يشترط في المغتنم أن لا يكون غصبا من مسلم أو ذمّي أو معاهد أو نحوهم ممّن هو محترم المال و الّا فيجب ردّه الى مالكه، نعم لو كان مغصوبا من غيرهم من أهل الحرب لا بأس بأخذه و إعطاء خمسه، و إن لم يكن الحرب فعلا مع المغصوب منهم، و كذا اذا كان عند المقاتلين مال غيرهم من أهل الحرب بعنوان الأمانة من وديعة أو اجارة أو عارية أو نحوها (1).
____________
و معه لا يكون اجماعا تعبّديا كاشفا عن رأي المعصوم (عليه السّلام).
و أمّا دعوى كون سيرة عليّ (عليه السّلام) كانت على التصرف، فمخدوشة:
أولا: بانّه يمكن كون الباغين عليه كأصحاب الجمل نصّابا.
و ثانيا: انّ الدعوى المذكورة معارضة بمثلها، اذ نقل ان سيرته في أهل البصرة على ردّ ما اخذ منهم حتى القدور.
و ثالثا: انه (عليه السّلام) كان وليّا و كان أولى بالتصرف فلا يكون فعله في مورد خاص دليلا على الجواز بالنسبة الى غيره.
(1) فانه لا يجوز التصرف في مال من يكون محترما و هذا هو المشهور بين القوم، و لذا فصّل الماتن بين محترم المال فلا يجوز تملك ماله و من لا يكون ماله محترما فيجوز.
و يدلّ على قول المشهور ما رواه هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سأله رجل عن الترك يغيرون على المسلمين فيأخذون أولادهم فيسرقون منهم أ يرد عليهم؟ قال: نعم و المسلم أخو المسلم
(مسألة 4): لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنائم بلوغ النصاب عشرين دينارا فيجب اخراج خمسة قليلا كان أو كثيرا على الأصحّ (1).
____________
و المسلم أحقّ بماله أينما وجده (1).
و في قبال هذه الرواية ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:
سألته عن رجل لقيه العدوّ و أصاب منه مالا أو متاعا، ثم انّ المسلمين أصابوا ذلك كيف يصنع بمتاع الرجل؟ فقال: اذا كانوا أصابوه قبل أن يحوزوا متاع الرجل ردّ عليه، و ان كانوا أصابوه بعد ما حازوه فهو فيء المسلمين فهو أحقّ بالشفعة (2).
و هذه الرواية مضطربة من حيث المتن، و على فرض تمامية دلالتها و الالتزام بكونها معارضة مع حديث هشام لا طريق الى ترجيح أحدهما على الآخر.
و بعبارة اخرى: يكون من موارد اشتباه الحجة بغيرها فالمحكّم دليل حرمة التصرف في مال الغير، و الذي يهون الخطب ان الحديث الاول ضعيف سندا لاحتمال كون محمد بن عيسى- الواقع فيه- يونسيا.
و الحديث الثاني مضطربة المتن، و مقتضى القاعدة الاولية حرمة التصرف في مال من يكون محترم المال فلا يجوز تملّكه.
(1) لعدم الدليل عليه، و مقتضى اطلاق الادلة كتابا و سنة عدم
____________
(1) الوسائل: الباب 35، من أبواب جهاد العدوّ، الحديث: 3.
(2) نفس المصدر، الحديث: 2.
(مسألة 5): السلب من الغنيمة فيجب اخراج خمسه على السالب (1).
الثاني: المعادن من الذهب و الفضة و الرصاص و الصفر و الحديد و الياقوت و الزبرجد و الفيروزج و العقيق و الزيبق و الكبريت و النفط و القير و السبخ و الزاج و الزرنيخ و الكحل و الملح بل و الجصّ و النورة و طين الغسل و حجر الرحى و المغرة و هي الطين الأحمر على الأحوط و ان كان الاقوى عدم الخمس فيها من حيث المعدنية بل هي داخلة في أرباح المكاسب فيعتبر فيها الزيادة عن مؤنة السنة.
و المدار على صدق كونه معدنا عرفا، و اذا شك في الصدق لم يلحقه حكمها فلا يجب خمسه من هذه الحيثية بل يدخل في أرباح المكاسب و يجب خمسه اذا زادت عن مؤنة السنة من غير اعتبار بلوغ النصاب فيه، و لا فرق في وجوب اخراج خمس المعدن بين أن يكون في أرض مباحة أو مملوكة و بين أن يكون تحت الارض أو على ظهرها.
و لا بين أن يكون المخرج مسلما أو كافرا ذميّا، بل و لو
____________
الاشتراط فما أفاده تام.
(1) اذ لا دليل على كونه مختصا بالسالب فيكون مصداقا للغنائم و يحكم عليه بذلك الحكم و يترتب عليه ما يترتب على بقية الغنائم.
حربيا و لا بين أن يكون بالغا أو صبيا و عاقلا أو مجنونا فيجب على وليهما اخراج الخمس و يجوز للحاكم الشرعيّ اجبار الكافر على دفع الخمس ممّا أخرجه و ان كان لو أسلم سقط عنه مع عدم بقاء عينه.
و يشترط في وجوب الخمس في المعدن بلوغ ما أخرجه عشرين دينارا بعد استثناء مؤنة الإخراج و التصفية و نحوهما فلا يجب اذا كان المخرج أقلّ منه، و ان كان الأحوط اخراجه اذا بلغ دينارا بل مطلقا.
و لا يعتبر في الاخراج أن يكون دفعة فلو أخرج دفعات و كان المجموع نصابا وجب إخراج خمس المجموع، و ان أخرج أقلّ من النصاب فأعرض ثم عاد و بلغ المجموع نصابا فكذلك على الأحوط.
و اذا اشترك جماعة في الإخراج و لم يبلغ حصة كلّ واحد منهم النصاب و لكن بلغ المجموع نصابا فالظاهر وجوب خمسه و كذا لا يعتبر اتحاد جنس المخرج فلو اشتمل المعدن على جنسين أو أزيد و بلغ قيمة المجموع نصابا وجب اخراجه، نعم لو كان هناك معادن متعددة اعتبر في الخارج من كلّ منها بلوغ النصاب دون المجموع، و ان كان الأحوط كفاية بلوغ المجموع خصوصا مع اتحاد جنس المخرج منها سيّما مع تقاربها، بل لا يخلو عن
قوة مع الاتحاد و التقارب، و كذا لا يعتبر استمرار التكوّن و دوامه، فلو كان معدن فيه مقدار ما يبلغ النصاب فأخرجه ثم انقطع، جرى عليه الحكم بعد صدق كونه معدنا (1).
____________
(1) ادّعي عليه الاجماع في كلام جملة من الاعيان.
مضافا الى انّ وجوب الخمس في المعدن أمر ظاهر واضح مغروس في اذهان اهل الشرع، و تدل على المدعى جملة من النصوص:
منها ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سألته عن معادن الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص؟ فقال: عليها خمس جميعا (1).
و منها ما رواه الحلبي في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن الكنز كم فيه؟ قال: الخمس، و عن المعادن كم فيها؟ قال: الخمس، و عن الرصاص و الصفر و الحديد و ما كان بالمعادن كم فيها؟ قال: يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب و الفضة (2).
و منها ما رواه عمّار بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام اذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس (3).
____________
(1) الوسائل، الباب 3، من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.
(2) نفس المصدر، الحديث: 2.
(3) نفس المصدر، الحديث: 6.
..........
____________
و منها ما رواه ابن أبي عمير، عن غير واحد عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: الخمس على خمسة أشياء على الكنوز و المعادن و الغوص و الغنيمة (1).
ان قلت: يستفاد من حديث ابن سنان (2)، انه لا خمس الّا في الغنائم فما التوفيق؟
قلت: اذا قلنا بأنّ المراد من الغنائم في الحديث مطلق الفائدة و الرواية شاملة للمقام و بقية موارد الخمس كالكنز مثلا، فلا اشكال- كما هو ظاهر- اذ لا موضوع للتنافي، و إن قلنا بأنّ المراد خصوص غنائم دار الحرب فنلتزم بالتقييد بالنصوص الدالة على الوجوب في غيرها و بالضرورة و القطع و باب التخصيص و التقييد مفتوحة بكلا مصراعيها.
و يلحق به ما نصّ عليه في كلام المعصوم (عليه السّلام) و أمّا لو فرضنا لا هذا و لا ذاك أي شكّ في كونه معدنا و لم يكن منصوصا عليه في كلام الامام روحي فداه فلا يجب فيه الخمس.
و الأمر كما أفاده، فان مقتضى الاصل الموضوعي، و كذا الاصل الحكمي عدمه، أمّا الاصل الموضوعي فهو الاستصحاب، فانّا لا نرى
____________
(1) نفس المصدر، الحديث: 7.
(2) لاحظ ص 9.
..........
____________
مانعا عن جريان الاصل في الشبهة المفهومية، و لذا قلنا في محله انه لو دار الأمر في مفهوم المغرب بين استتار القرص و ذهاب الحمرة لا مانع عن جريان الاستصحاب بأن نقول: قبل استتار القرص مفهوم المغرب لم يكن حاصلا في الخارج و الآن كما كان.
و في المقام نقول: الجصّ مثلا قبل تحقّقه في الخارج لم يكن معنونا بعنوان المعدنيّة و الآن كما كان.
و يمكن تقريب الأصل بوجه آخر و هو: اصالة عدم صيرورة خمس المال لأهله، لكن الأصل المذكور لا يقتضي صيرورة تمام المال ملكا للحائز الّا على القول بالمثبت الذي لا نقول به.
و بعبارة اخرى: إنّ هذا التقريب مع قطع النظر عن التقريب الاول، أي الاستصحاب الذي يحرز به عدم كون المورد معنونا بعنوان المعدنية لا يفيد، اذ المخصّص المنفصل يوجب تعنون العام فالمحوز يصير مملوكا بتمامه ملكا للحائز في غير المعدن و أمّا فيه فلا، فاذا شك في المعدنية لا يمكن الاخذ بالعموم لعدم جواز الأخذ بالعموم في الشبهة المصداقية.
و امّا الأصل الحكمي، فقد قال سيدنا الاستاد في المقام- مستدلا على المدعى-: انّ مقتضى اصالة البراءة عدم وجوب الخمس.
و يرد عليه انّ اصالة البراءة عن الوجوب لا يقتضي صيرورة تمام العين للحائز الّا على القول بالمثبت الذي لا يقول به.
..........
____________
و يظهر من كلامه تقريب آخر للاستدلال و هو: انّ مقتضى دليل كلّ ما أفاد الناس من قليل أو كثير، ففيه الخمس بعد المئونة أي مؤنة السنة عدم تعلق الخمس، فان ما يشكّ في كونه معدنا مشمول لهذه الكلية و نشك في التخصيص.
هذا من ناحية و من ناحية اخرى قد ثبت في محله انّ اجمال المخصص المنفصل لا يسري الى العام و المفروض ان المخصص من حيث المفهوم مجمل و دائر بين الاقل و الاكثر فلا يشمل مورد الشك.
و يرد عليه: انّ الشك في عنوان ما أفاد، اذ على تقدير تعلق الخمس لا يكون جميع العين فائدة للحائز و قد ثبت في محله ان الأخذ بالعام أو المطلق غير جائز في الشبهة المصداقية فلا بدّ من احراز عدم كون العين مصداقا للمعدن.
و الوجه فيه اطلاق الدليل فلا وجه للتفصيل.
لإطلاق الدليل بالاضافة الى النصّ الخاص، لا حظ ما رواه محمد ابن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السّلام) عن الملاحة؟ فقال: و ما الملاحة؟ فقال: ارض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا، فقال:
..........
____________
هذا المعدن فيه الخمس، فقلت: و الكبريت و النفط يخرج من الأرض؟
قال: فقال: هذا و أشباهه فيه الخمس (1).
و قد فصّل سيدنا الاستاد بين كون الكافر مكلفا بالفروع و عدم كونه كذلك، فعلى الأول يتعلق الخمس بما يخرجه من المعدن، و أمّا على الثاني فلا، و حيث ان الاظهر عنده عدمه اختار عدم التعلق.
و يرد عليه اولا: ان المستفاد من الدليل كونه مكلفا بالفروع كما انه كذلك في الاصول، فان عموم ادلة التكاليف أو اطلاقها يشمله و الاستثناء يحتاج الى الدليل.
مضافا الى الدليل عليه بالخصوص، لاحظ قوله تعالى: قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَ كُنّٰا نَخُوضُ مَعَ الْخٰائِضِينَ. وَ كُنّٰا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (2).
فان تكذيب يوم الدين يوجب الكفر و مع ذلك يستفاد من الآية ان المنكر للمعاد مكلف بالفروع كالصلاة و الزكاة.
و ثانيا: انه لا تلازم بين الحكم الوضعي و التكليفي فاطلاق دليل الخمس يقتضي تعلقه بما يخرجه الكافر، و اذا كان تلازم بين الأمرين يلزم عدم ضمانه اذا أتلف مال الغير، و هل يلتزم به سيدنا الاستاد.
____________
(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 4.
(2) المدثر، 43- 44- 45- 46.
..........
____________
الذي يختلج بالبال أن يقال: يشترط في ثبوت الخمس كون المخرج بالغا، فان المستفاد من حديث عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن الغلام متى تجب عليه الصلاة؟ فقال: اذا اتى عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جرى عليه القلم، و الجارية مثل ذلك إن أتى لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جرى عليها القلم (1).
بمقتضى مفهوم الشرط ان جريان القلم مشروط بالبلوغ و مقتضى الاطلاق عدم الفرق بين قلم التكليف و الوضع.
فالحقّ ان وجوب الخمس في المعادن و كذا في بقية الموارد مشروط بالبلوغ و هذه الجهة لها اهمية كثيرة في الأحكام المترتبة على أفعال غير البالغ.
و أورد عليه سيدنا الاستاد بأنّ حديث الرفع بالنسبة الى المجنون يقتضي رفع الحكم تكليفا كان أو وضعا.
و يرد عليه: انه لا دليل معتبر يدل على رفع الحكم الوضعي
____________
(1) الوسائل: الباب 4، من أبواب مقدمة العبادات، الحديث: 12.
..........
____________
بالاطلاق، فان حديث الأعمش عن ابن ظبيان قال: اتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها، فقال علي (عليه السّلام): أما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم و عن المجنون حتى يفيق و عن النائم حتى يستيقظ (1) و ان كان دالا على الرفع على الاطلاق و لكن مخدوش سندا.
نعم بالنسبة الى الحكم التكليفي الحديث التام سندا موجود، لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: لمّا خلق اللّه العقل استنطقه ثم قال له: اقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فادبر ثم قال: و عزّتي و جلالي ما خلقت خلقا هو احبّ إليّ منك و لا اكملتك الّا فيمن احبّ أما انّي ايّاك آمر و ايّاك أنهى و ايّاك اعاقب و ايّاك اثيب (2).
فالحق ما أفاده في المتن من الثبوت بالنسبة الى المجنون لإطلاق الدليل فيجب على وليه اخراجه.
فانه ولي الأمر فيجوز له بل يجب عليه فانه وظيفة للولي.
الذي يختلج بالبال أن يقال: لا وجه للسقوط، فان حديث الجبّ
____________
(1) الوسائل: الباب 4، من أبواب مقدمة العبادات، الحديث: 11.
(2) الوسائل: الباب 3، من أبواب مقدمة العبادات، الحديث: 1.
..........
____________
ضعيف سندا، ثم لا وجه للتفصيل بين بقاء العين و عدمه، و اللّه العالم.
و يقع البحث في هذا الفرع من جهات:
و يدل عليه ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال:
سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عمّا أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شيء؟
قال: ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا (1).
و لا يعارضه ما رواه محمد بن علي بن أبي عبد اللّه عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد، و عن معادن الذهب و الفضة هل فيها زكاة؟ فقال: اذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس (2).
لعدم ثبوت وثاقة الراوي عن الامام (عليه السّلام) فالمرجع حديث البزنطي و اعراض الأصحاب عن الحديث لا يوجب سقوطه عن الاعتبار لما قلنا مرارا ان الاعراض لا اثر له، مضافا الى النقاش في الصغرى فلاحظ.
____________
(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب ما يجب فيه الخمس.
(2) الوسائل: الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 5.
..........
____________
و تقريب المدعى المذكور بوجهين:
الوجه الاول: انّ موضوع الخمس عنوان الغنيمة و هذا المفهوم انما يصدق بالنسبة الى الربح الذي يحصل من عملية الاخراج كسائر الموارد، مثلا اذا اشترى زيد كتابا بدينار ثم باعه دينارين لا يصح أن يقال: ان زيدا ربح دينارين بل ربحه دينار واحد.
و يرد على التقريب المذكور: انه تارة يكون الموضوع عنوان الغنيمة فيكون للتقريب وجه وجيه، و اخرى يكون الموضوع عنوان المعدن كما هو كذلك فلا وجه للتقريب المذكور و الالتزام بوجوب الخمس في المعدن بعنوان كونه غنيمة بلا وجه.
الوجه الثاني: النص الخاصّ الدال على أنّ الخمس بعد المئونة، لاحظ ما رواه ابن أبي نصر قال: كتبت الى أبي جعفر (عليه السّلام) الخمس اخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب: بعد المؤونة (1).
فانّ المستفاد من الحديث ان الخمس بعد المئونة.
و أوضح دلالة في المدعى ما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال:
سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كلّ ما كان ركازا ففيه الخمس و قال:
ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج اللّه سبحانه منه من حجارته مصفّى، الخمس (2).
____________
(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.
(2) الوسائل: الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 3.
..........
____________
فان المستفاد من الحديث ان متعلق الخمس العين بعد التصفية و اخراج ما عولج في اخراج المعدن.
و بعبارة اخرى: التصريح في كلامه روحي له الفداء بقوله: «ما عالجته بمالك» الخ يدلّ على أنّ المراد تعلق الخمس بما يصفو و يبقى بعد اخراج المئونة.
و أمّا احتمال ان يكون المراد انّ متعلق الخمس الحجارة بعد التصفية بان يكون لفظ (مصفّى) صفة للحجارة، فمدفوع بأنّه يلزم أن تكون الصفة مطابقة مع الموصوف في التذكير و التأنيث و المفروض في الحديث كون الحجارة مؤنّثة و لفظ مصفّى مذكر.
و لو اغمض عما ذكرنا و قلنا بانّ لفظ مصفّى صفة للحجارة- كما هو مقتضى ظاهر اللفظ-، نقول: يكون المراد من تصفية الحجارة تصفيته من حيث المالية.
و يدل عليه أمران احدهما قوله (عليه السّلام): «ما عالجته بمالك» اذ لو لم يكن المراد من التصفية، المالية لم يكن وجه لذكر المال في الحديث.
ثانيهما: انّ التصفية من حيث الزوائد انما تتصور في قسم خاصّ من المعادن كالذهب و الفضة مثلا، و أمّا لو كان المعدن قطعة من الأرض فلا تتصوّر فيه التصفية من حيث الزوائد، بل يتصور فيه التصفية من حيث المال، نعم تتصور فيه التجلية التي لا تكون محلا للكلام.
..........
____________
أي يلزم أن يكون المعدن بعد اخراجه يساوي عشرين دينارا أو يكفي بلوغه هذا المقدار و لو قبل استثناء المئونة؟
وقع الخلاف بين القوم و المشهور هو الأول بل نقل عدم الخلاف فيه و ذهب جماعة الى القول الثاني.
و استدل على القول الاول بالبراءة و الأخذ بالقدر المتيقن.
و فيه: انه لا مجال للأصل العملي مع الاطلاق و المفروض ان دليل وجوب الخمس في المعدن مطلق و الاطلاق محكّم.
و ربما يستدل على القول المشهور بحديث زرارة المتقدم ذكره آنفا (1).
بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان متعلق الخمس الحجر المصفى.
و يرد عليه انه قد تقدم قريبا انّ المراد من الحديث ان متعلق الخمس بعد التصفية المالية أي بعد مؤنة الاخراج، و ان لم يبق الا مقدار دينار واحد.
و ان أبيت عمّا ذكر فلا أقلّ من كون الحديث مجملا و من الظاهر ان اجمال المخصص المنفصل لا يسري الى العام و قلنا ان مقتضى الدليل الوارد في المعادن ثبوت الخمس فيها بلا قيد من هذه الجهة، و حيث انّ لازم الإخبار حجة يرتفع الاجمال عن حديث زرارة و يفهم ببركة دليل
____________
(1) لاحظ ص 30.
..........
____________
الوجوب ان المراد من التصفية، التصفية المالية.
و يكون المقام نظير ما لو قال المولى: اكرم العلماء، و قال في دليل آخر انه يحرم اكرام الفساق من العلماء و تردّد امر الفسق بين الكبيرة و الأعم منها و من الصغيرة يفهم من دليل الوجوب بعمومه انّ المراد من الفسق في دليل التخصيص خصوص الكبيرة فلاحظ.
فالحق هو القول الثاني و لهذا الاختلاف اثر مهمّ و هو انه على القول الاول لو اخرج معدنا و قبل التصفية باعه من بكر و لا يساوي بعد التصفية مقدار النصاب، لا يجب الخمس لا بالنسبة الى البائع و لا بالنسبة الى المشتري، أمّا بالنسبة الى البائع فلعدم بلوغه حد النصاب و أمّا بالنسبة الى المشتري فلأنه لم يخرج المعدن فلا وجه لثبوت الخمس مطلقا فلاحظ.
اختار الماتن الثاني، و الحق هو الأول، فان الأحكام الشرعية على نحو القضايا الحقيقيّة و الحكم في القضية الحقيقيّة ينحل بانحلال الموضوع و يترتب الحكم على كل موضوع، فاذا أخرج أقلّ من النصاب في يوم الجمعة لا يترتب على المخرج الحكم لعدم تمامية الموضوع فرضا، فإذا أخرج الباقي يوم السبت يكون الكلام فيه هو الكلام، و لا وجه لملاحظة المجموع ان كان بقدر النصاب.
..........
____________
فلو نهى المولى عن قبول دينار من شخص لا يقتضي نهيه عدم قبول نصف الدينار أو ربعه، فلو فرض انه قبل في يوم نصف دينار و في يوم آخر النصف أيضا لم يخالف المولى.
و العجب ان الماتن فرّق بين صورة الاعراض عن اخراج الباقي و عدمه و الحال انه لا فرق من هذه الجهة بين الصورتين و الميزان تحقّق الموضوع و صدقه، فان صدق يترتب عليه الحكم و ان تحقق الاعراض، و ان لم يصدق- كما هو كذلك- لا يترتب و ان لم يتحقق الاعراض فلاحظ.
الظاهر هو الثاني لإطلاق حديث البزنطي (1) فان المستفاد من الحديث ان موضوع الحكم، ما أخرجه المعدن فالميزان بما يخرج من المعدن و لا موضوعية للمخرج.
فلو كان متعددا و بلغ النصاب يترتب عليه الحكم لإطلاق الدليل فالميزان صدق عنوان الموضوع و صدق المعدن بلا فرق بين اتحاد الجنس و تعدده، و أمّا لو لم يكن المعدن واحدا لا يترتب عليه الحكم بلا فرق بين
____________
(1) لاحظ ص 29.
(مسألة 6): لو اخرج خمس تراب المعدن قبل التصفية فإن علم بتساوي الأجزاء في الاشتمال على الجوهر أو بالزيادة فيما أخرجه خمسا اجزاء و الا فلا لاحتمال زيادة الجوهر فيما يبقى عنده (1).
____________
التقارب في المتعدد و عدمه و بلا فرق بين اتحاد الجنس و عدمه، فما احتمله الماتن من الوجوب مع التقارب خصوصا مع وحدة الجنس لا وجه له و اللّه العالم.
(1) فصّل (قدّس سره) فيما لو أخرج خمس تراب المعدن بين العلم بالتساوي أو العلم بزيادة المخرج و بين الشك فحكم بالإخراج في الصورة الاولى و بعدمه في الصورة الثانية للشك في أداء ما وجب عليه.
و الحق ما أفاده، فإن مقتضى الاستصحاب عدم اخراج الخمس الواجب عليه.
و ربما يقال- كما عن صاحب الجواهر (قدّس سره)- انّ الخمس انما يتعلق بالمعدن بعد تصفيته بمقتضى حديث زرارة (1) و قبل توجه الخطاب، كيف يكون الاخراج مجزيا فلا بد من تأخير الاداء الى زمان التصفية.
و يرد عليه: ان الأمر في التصفية دائر بين المالية و الخارجية أي بين اخراج المئونة و انه اي مقدار يصفو للمخرج و بين تصفية الجوهر عن الزوائد، و الظاهر من قوله (عليه السّلام) في ذيل الخبر، ان المراد التصفية المالية
____________
(1) لا حظ ص 30.
..........
____________
كما صرّح بذلك صاحب الحدائق (1).
و الشاهد على ما ذكر أمران:
الأول: قوله (عليه السّلام): «ما عالجته بمالك» فإنّ المراد ان كان تصفية الجوهر من الزوائد لم يكن وجه لذكر المال و لا يرتبط به.
الثاني: ان الجوهر لا يحتاج الى التصفية دائما مثلا العقيق و أمثاله قطعة من الأرض و لا زائد فيه، نعم انما يتصور ذلك في مثل تراب المعدن المخلوط مع الذهب أو الفضة.
و صفوة القول: ان المستفاد من الحديث بيان متعلق الخمس لا بيان وقت الوجوب و يترتب عليه اثر مهم، فإنّ الوجوب لو كان معلقا على التصفية يجوز للمخرج قبلها نقل المعدن الى الغير فلا يجب الخمس لا بالنسبة الى الناقل و لا بالنسبة الى المنقول اليه.
أمّا الاول: فلفرض عدم التصفية، و أمّا الثاني فلعدم كونه مخرجا للمعدن.
و بعبارة اخرى: يتعلق الوجوب بمن يستفيد من المعدن من طريق الاخراج لا من يستفيد منه من طريق الاشتراء.
الّا أن يقال: لا وجه للتقييد، فان مقتضى دليل وجوب الخمس في المعدن وجوبه على الاطلاق فتحصل ممّا ذكرنا: ان ما افاده الماتن تام لا خدش فيه.
____________
(1) الحدائق: ج 12 ص 329.
(مسألة 7): اذا وجد مقدارا من المعدن مخرجا مطروحا في الصحراء، فإن علم انه خرج من مثل السيل أو الريح أو نحوهما أو علم ان المخرج له حيوان أو انسان لم يخرج خمسه وجب عليه اخراج خمسه على الاحوط اذا بلغ النصاب بل الأحوط ذلك و ان شك في أن الانسان المخرج له أخرج خمسه أم لا (1).
____________
(1) تعرض (قدّس سره) في هذه المسألة لفروع ثلاثة:
يجب تخميسه احتياطا.
و تقريب المدعى: ان اطلاق دليل الوجوب يقتضي وجوبه.
و بعبارة اخرى: الحكم مترتب على المعدن و هذا مصداقه.
و يرد عليه: ان المعدن عبارة عن مكان يوجد فيه الشيء المعدني.
قال الطريحي- في مجمع البحرين-: «و المعدن مستقر الجوهر».
و ببيان آخر: المعدن عبارة عن المخرج، و أمّا الخارج منه فليس معدنا و بهذا الاعتبار ورد في الخبر: «الناس معادن كمعادن الذهب و الفضّة» (1).
أي فعل الخير يوجد في الانسان السعيد و الشر يوجد في الخبيث فاطلاق المعدن على الخارج باعتبار علاقة الحالّ و المحلّ.
و من ناحية اخرى، ان المعدن بما هو لا يتعلق به الخمس و انما
____________
(1) بحار الأنوار: ج 61 ص 65، الحديث: 51.
..........
____________
الخمس يتعلق بما يخرج منه فيعتبر فيه زمان الاخراج و الانفصال.
و بعبارة واضحة: ان العلاقة المجوزة للاستعمال المجازي موجودة ما دام كون الجوهر في محله، و اما بعد انفصاله و طرحه في الصحراء كما هو المفروض فلا مقتضي للإطلاق.
و ان ابيت عما قلنا نقول: لا وجه لتسرية الحكم الى المطروح، لأن الجوهر كما تقدم ليس معدنا و لا ندري ان المتكلم أي الامام روحي فداه هل أراد من اللفظ مطلق الخارج و لو بعد طرحه أم لا؟
و ان شئت قلت: انّا لم نحرز سعة ملاحظة العلاقة المجازية و لا دليل على أنّ مراده (عليه السّلام) يشمل المطروح أم لا؟ و مقتضى الاصل عدمه فلا تصل النوبة الى الأخذ بالإطلاق.
فالنتيجة عدم تعلق الخمس في المطروح.
الّا أن يقال: ان ما قلت و ان كان تاما، لكن مقتضى حديث البزنطي عن أبي الحسن (عليه السّلام)، وجوب الخمس في الفرع المذكور، فإنّ الراوي يسئل الامام (عليه السّلام) عمّا يخرجه المعدن و في الجواب قال ما مضمونه: انه لو كان بالغا حد النصاب فيه الخمس.
و من الظاهر ان ما يكون مطروحا على الأرض بسبب جماد أو حيوان يصدق عليه عنوان ما أخرجه المعدن، فاذا وجده انسان يتعلق به الحكم تكليفا و وضعا.
..........
____________
و لكن المفروض أنه يجوز تملك المطروح لاعراض مالكه عنه.
و قد حكم الماتن «(قدّس سره)» بوجوب الخمس على الواجد احتياطا
و الحق أن يقال: انما يجب عليه من باب كون الخمس مملوكا لأربابه باخراج ذلك الانسان و ان المطروح مشترك بنحو الاشاعة بينه و بين أهل الخمس و إعراضه انما يؤثر بالنسبة الى مملوكه لا مملوك غيره.
ثم انه هل يلزم في صيرورة المعدن ملكا للمخرج أن يقصد بالاخراج التملك أو يكفي الاخراج و لو لم يكن بهذا العنوان؟ مثلا لو حفر الأرض لغاية اخرى كالوصول الى الماء أو نحوه من الغايات و صدفة وجد المعدن هل يصير ملكا له و هل يجب عليه الخمس أم لا؟
ربما يقال: بالثاني- كما عليه سيدنا الاستاد- و لكن الانصاف ان مقتضى الادلة الواردة في المقام عموم الحكم، لاحظ ما رواه البزنطي (1).
فإن موضوع الحكم المذكور في الحديث باطلاقه يشمل كل اخراج و لا حظ ما رواه عمّار بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول:
فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام اذا لم
____________
(1) لاحظ ص: 29.
..........
____________
يعرف صاحبه و الكنوز، الخمس (1).
و احتاط أيضا في وجوب اداء الخمس.
و الحق ان القاعدة تقتضي وجوبه، اذ المفروض تعلق الخمس و نشك في ادائه و مقتضى الاستصحاب عدم الاداء.
ان قلت: مقتضى حمل فعل الغير على الصحة اذا كان مسلما ان نحكم بالأداء.
قلت: يرد عليه اولا: ان الدليل اخصّ من المدعى، اذ يمكن أن يكون ذلك الانسان كافرا فلا يتمّ التقريب المذكور.
و ثانيا: ان حمل فعل الغير على الصحة لا يقتضي ترتيب اللوازم عليه و لذا لو صادفنا في الطريق احد و تكلم بجملة لا ندري هل سلّم أو شتم يكون مقتضى اصالة الصحة ان لا نحكم عليه بأنّه شتمنا و لكن هل يجب جواب سلامه؟ كلا، اذ الأصل المذكور لا يقتضي اثبات اللوازم.
ان قلت: بعد كون اليد امارة على الملك، و من ناحية اخرى الاستصحاب لا يعارض اليد في جميع الموارد التي تكون مثل المورد لما حقق في محله من تقدم الامارة على الاستصحاب، يكون مقتضى القاعدة الحكم بكون جميع المال للمعرض.
____________
(1) الوسائل: الباب 3، من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 6.
(مسألة 8): لو كان المعدن في أرض مملوكة فهو لمالكها و اذا أخرجه غيره لم يملكه، بل يكون المخرج لصاحب الارض و عليه الخمس من دون استثناء المئونة لأنه لم يصرف عليه مؤنة (1).
____________
قلت: اذا كانت اليد بحدوثها لم تكن امارة للملك للعلم بأنّ بعض ما في يده مملوك للغير لا يمكن اثبات الملكية لذي اليد بقاء، اذ قاعدة اليد ليست بدليل لفظي كي يؤخذ باطلاقها، بل الدليل عليها السيرة و الدليل اللبي يقتصر فيه على القدر المتيقن.
فالنتيجة: انه يجب اداء الخمس في الفرض للاستصحاب.
و بعبارة واضحة: ان ذلك الانسان في زمان الاخراج لم يكن مالكا للخمس و نشك في فراغه و الاستصحاب يقتضي عدم الاداء و بقاء الخمس في ملك اهله فلا بد من ايصاله اليه، و اللّه العالم.
(1) ذكر الماتن «(قدّس سره)» في هذه المسألة فروعا:
و ما أفاده باطلاقه غير تامّ، بل لا بدّ من التقييد بأن نقول: ما يكون تابعا للأرض بحسب النظر العرفي العقلائي، مملوك لمالك الارض، و أمّا اذا لم يكن كذلك فلا وجه لكونه ملكا لمالك الارض.
و بعبارة واضحة: الملكية تتوقف على سبب اختياريا كان أو غير اختياري كالإرث مثلا، و أساس الملكية شرعا أمّا الحيازة و اما الاحياء و شيء من الامرين لا يقتضي التبعية في الملكية.
..........
____________
و ان شئت قلت: الحيازة تقتضي ملكية المحوز، كما ان الاحياء يقتضي ملكية المحياة و لا تعرض في الأمرين المذكورين بالنسبة الى الفوق و التحت، و التبعية انما هي بحكم العقلاء و ارتكازهم الممضى من قبل الشارع قطعا فلا بد من الصدق العرفي، و لا يمكن لأحد أن يدعي انا مالك لما وقع تحت أرض داري الى الف فرسخ مثلا، فعليه لا يمكن الحكم على الاطلاق.
إلّا أن يقال: الماتن أيضا ناظر الى صورة تحقق التبعية العرفية العقلائية فلا نزاع في البين.
و لا بد فيه من التفصيل بأن نقول: لو أخرج المعدن من المكان الذي يكون مملوكا للمالك تبعا، فالحقّ ما أفاده، اذ المفروض ان الخارج مملوك للغير و لا وجه لتملك مال الغير.
ان قلت: مقتضى اطلاق الدليل عدم الفرق بين المملوك و غير المملوك.
قلت: يرد عليه اولا: النقض بما لو أحيا شخص ارضا ميتة مملوكة للغير، فهل يمكن القول بأن الإحياء يوجب تملكها؟
و ثانيا: نجيب بالحل و هو: ان الظاهر من الدليل بحسب الفهم العرفي و التناسب بين الحكم و الموضوع ان ما يجوز تملكه يكون قابلا للتملك.
..........
____________
و بعبارة اخرى: العرف يفهم انّ المال اذا لم يكن مملوكا للغير يجوز تملكه بالحيازة أو الإحياء أو الاخراج أو غيرها.
اضف الى ذلك، ان مقتضى قوله تعالى: إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ حرمة مال الغير و عدم جواز تملكه الا بالتجارة، و هذا ظاهر واضح.
و أما لو أخرجه من المكان الذي لا يكون ملكا للغير و لا يكون تبعا للمملوك يتملك بالاخراج و يجب عليه الخمس غايته قد ارتكب حراما و هو التصرف في مال الغير بدون اذنه.
أمّا وجوب الخمس عليه فلأن المفروض انه ملكه، و أمّا عدم اخراج المئونة فلأنه سالبة بانتفاء الموضوع، اذ المفروض انه لم يصرف شيئا، و لا مقتضي لضمانه بالنسبة الى المتصدي للإخراج.
و ربما يناقش في ثبوت الخمس على المالك و ذلك لأن المفروض انّ المالك لم يتصدّ للإخراج، و قد تقدم ان المطروح في الصحراء لا يجب فيه الخمس بالنسبة الى الآخذ، فعلى هذا يمكن ان يقال: لا يجب الخمس لا على المتصدي للإخراج و لا على المالك، أمّا الاول فلفرض عدم تملكه و أمّا الثاني فلفرض عدم اخراجه.
إلّا أن يقال: انه يصدق عليه عنوان ما أخرجه المعدن، و قد دلّ ما رواه البزنطي عن أبي الحسن (عليه السّلام) بقوله: «عليه الخمس» بعد سؤال
(مسألة 9): اذا كان المعدن في معمور الأرض المفتوحة عنوة التي هي للمسلمين فأخرجه أحد من المسلمين ملكه و عليه الخمس، و ان أخرجه غير المسلم، ففي تملكه اشكال، و أمّا اذا كان في الارض الموات حال الفتح فالظاهر انّ الكافر أيضا يملكه و عليه الخمس (1).
____________
الراوي عما أخرجه المعدن، و هذا يصدق عليه العنوان المذكور فيه الخمس.
(1) قد تعرض الماتن في هذه المسألة لفروع ثلاثة:
بتقريب: أنّه لا دليل على كون المعدن مملوكا للمسلمين تبعا، امّا اذا كان بعيدا عن سطح الارض بعدا خارق العادة فواضح إذ لا يكون مملوكا لمالك الارض، و قد تقدم الكلام حوله.
و أمّا اذا لم يكن كذلك و كان قريبا من سطح الارض فلا دليل على التبعية في المقام.
و بعبارة اخرى: التبعية من باب السيرة العقلائية و في المقام لا سيرة فالمقتضي للتملك موجود و المانع مفقود.
و ربما يقرّب المدّعى بتقريب آخر و هو: انه يستفاد من بعض النصوص ان المعدن من الأنفال و هي للإمام (عليه السّلام) فلا يجوز تملكه، لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن
..........
____________
الانفال؟ فقال: هي القرى التي قد خربت و انجلى اهلها فهي للّه و للرسول و ما كان للملوك فهو للإمام و ما كان من الارض الخربة لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب و كل ارض لا ربّ لها و المعادن منها و من مات و ليس له مولى فماله من الانفال (1).
فانّ قوله (عليه السّلام) «و المعادن منها» يدل على انّ المعادن قسم من الانفال التي للإمام.
و يرد على الاستدلال المذكور اوّلا: انه لا اشكال في التصرف في الانفال المملوكة للإمام للشيعة، و لذا يجوز لهم إحياء الموات التي تكون مملوكة للإمام.
و ثانيا: ان الاستدلال متوقف على رجوع الضمير في قوله «منها» الانفال المذكورة في اول الحديث و لا دليل عليه مع الفصل الطويل بين الجملتين.
و يناسب بحسب القانون الادبي رجوعه الى الارض المذكورة قبله و تكون النتيجة ان المعدن من الارض التي لا ربّ لها أو في الارض التي لا ربّ لها- على بعض النسخ- يكون داخلا في الانفال أي و المعادن من الارض أو في الأرض من الانفال فتكون النتيجة ان المعدن الذي في الارض المشار اليها في الحديث من الانفال تبعا و يكون للإمام (عليه السّلام) و عليه بعض الأقسام من المعادن للإمام (عليه السّلام).
____________
(1) الوسائل: الباب 1، من أبواب الانفال، الحديث: 20.
..........
____________
و يؤيد ما ذكرناه بل يدل عليه قوله روحي فداه في آخر الحديث «و من مات و ليس له مولى فماله من الانفال».
اذ على التقدير الاول و على فرض رجوع الضمير الى قوله «الانفال» كان المناسب تأخير جملة و المعادن و جعلها بعد الجملة الاخيرة كي يرجع الضمير الى الانفال بلا فصل، فانّه (عليه السّلام) عارف باسلوب الكلام و القانون الادبي فيكشف ان مرجع الضمير لفظ الارض، فلاحظ فما افاده في الفرع تامّ لا غبار عليه.
يمكن أن يكون وجه الاشكال: ان المعدن في الأرض المفتوحة عنوة مملوك للمسلمين تبعا للأرض فلا يجوز تملّكه لغير المسلم.
و يرد عليه: أنّ التبعية ممنوعة و على فرض الالتزام بها لا بد من التفصيل بين الصدق العرفي و عدمه.
و يختلج بالبال أن يقال: تارة يكون المعدن مملوكا للإمام (عليه السّلام) و اخرى لا، أمّا على الأول فلا يجوز تملكه للكافر بل لغير الشيعي على الاطلاق، لما ورد في بعض النصوص من عدم جواز التصرف في مملوكه (عليه السّلام) لغير الشيعة.
(مسألة 10): يجوز استئجار الغير لإخراج المعدن فيملكه المستأجر و ان قصد الأجير تملكه لم يملكه (1).
____________
لاحظ ما رواه داود بن كثير الرقي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:
سمعته يقول: الناس كلّهم يعيشون في فضل مظلمتنا إلّا أنّا أحللنا شيعتنا من ذلك (1).
و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تكون قابلة للاستناد اليها. نعم اذا فرضنا ان المعدن مملوك للإمام (عليه السّلام) أرواحنا فداه- كما هو المفروض-، يكون مقتضى القاعدة عدم جواز تملّكه لما تقدم من أن مملوك الغير لا يصير ملكا لغير مالكه.
ان قلت: فلا يجوز للشيعي أيضا تملكه لعين التقريب، قلت:
يستفاد من جملة من النصوص جواز التصرف في جملة من أمواله للشيعي.
و ان أبيت ممّا ذكر فلا أقلّ من التسالم على الجواز.
و أمّا لو أخرج المعدن غير المملوك للإمام فلا مانع عن صيرورته مالكا اياه بالاخراج.
(1) ذكر في هذه المسألة فرعان:
و الوجه فيه: ان المستأجر مالك لعمل الأجير فكأن المستأجر بنفسه أخرج المال، فانه لا فرق بين المباشرة و التسبيب من هذا الجهة.
____________
(1) الوسائل: الباب 4 من الانفال، الحديث: 7.
(مسألة 11): اذا كان المخرج عبدا كان ما أخرجه لمولاه و عليه الخمس (1).
(مسألة 12): اذا عمل فيما أخرجه قبل اخراج خمسه عملا يوجب زيادة قيمته، كما اذا ضربه دراهم أو دنانير أو جعله حليّا، أو كان مثل الياقوت و العقيق فحكّه فصّا مثلا اعتبر في اخراج خمس مادّته فيقوّم حينئذ سبيكة أو غير محكوك مثلا و يخرج خمسه، و كذا لو اتّجر به فربح قبل أن يخرج خمسه ناويا الاخراج من مال آخر ثم أدّاه من مال آخر، و أمّا اذا اتّجر به من غير نيّة الإخراج من غيره فالظاهر ان الربح مشترك بينه و بين أرباب الخمس (2).
____________
و بعبارة اخرى: فعل الاجير ملك للمستأجر و لذا يمكن استناد الاخراج الى المستأجر باعتبار ملكه للإخراج و كونه مالكا لفعل الاجير فعليه الخمس اذ هو يملك المعدن بالاخراج.
و الوجه فيه: انّ فعله للغير فلا اختيار له في عمله.
(1) الكلام فيه هو الكلام، و بعبارة اخرى: العبد بنفسه مملوك لمولاه فالأثر المترتب على فعله يعود الى مالكه.
(2) تعرض الماتن (قدّس سره) في هذه المسألة لفروع.
يكون الواجب تخميس مادّته و لا اعتبار بالزيادة
..........
____________
بلحاظ الهيئة.
و ربما يقال- كما في المستمسك-: ان الوجه فيما أفاده ان اهل الخمس شريك مع المالك في خصوص المادّة، و أما الهيئة فهي مملوكة للمالك بلا شريك فالاعتبار في التخميس بالمادّة بلا دخل للهيئة.
و يرد عليه: ان التقريب المذكور متوقّف على القول بأنّ الهيئة تصير مملوكة كالعين و الحال انه لا يصحّ القول به، فان مقتضى القاعدة انّ الهيئة ربما توجب زيادة قيمة العين، و ربما توجب نقصانها و ثالثة لا هذا و لا ذاك.
هذا من ناحية و من ناحية اخرى ان الحق ان اشتراك أهل الخمس مع المالك بالاشاعة و عليه لو ترقّى القيمة يكون الخمس مملوكا لأهله و يعتبر القيمة باعتبار العين المتهيّئة بالهيئة الخاصّة الفلانية، و بعبارة اخرى: خمس العين بنحو الاشاعة مملوك لأهله، و ما أفاده في المتن غير تام.
يكون الاعتبار بقيمة العين بلا اشتراك اهل الخمس في الربع.
و يرد عليه اولا: انه لا دليل علي انتقال الخمس الى الذمّة بالنية و مقتضى القاعدة فساد النية المذكورة و كون العين باقية على نحو الاشتراك.
(مسألة 13): اذا شك في بلوغ النصاب و عدمه فالاحوط الاختبار (1).
____________
و ثانيا: انه لو قلنا بصحة النية فلا وجه لتقييد ما أفاده بالاداء من مال آخر و عدمه.
و بعبارة واضحة: ان كانت النية موجبة للانتقال فلا اثر للأداء و عدمه و ان لم تكن مؤثرة- كما هو كذلك- فلا اثر للأداء و عدمه أيضا.
يكون الربح مشتركا بين المالك و اهل الخمس.
و يرد عليه: ان اشتراك أهل الخمس على نحو الإشاعة فلو باع العين يكون بيعه بالنسبة الى الخمس فضوليا و باطلا بالفعل و تماميّته تتوقف على اجازة وليّ الخمس و هو الامام ارواحنا فداه ثم الحاكم الشرعي على القول بولايته في مثل هذه الامور، فلو أجاز من بيده الامر يصحّ البيع و يكون اهل الخمس مشتركا في الربح كما هو قانون الاشتراك و ان لم يجزه يكون الخمس باقيا في ملك أهله و يكون أهله مشتركا مع المشتري، و لا فرق فيما ذكرنا بين النية و عدمها فلاحظ.
(1) مقتضى الاستصحاب عدم بلوغه حد النصاب و من ناحية اخرى لا يشترط جريان الاصل في الشبهات الموضوعية بالفحص.
و ربما يقال بوجوب الاحتياط في امثال المقام من باب اهمية الموضوع، و بعبارة اخرى: لا بد من الاحتياط في الامور المالية أو من باب ان العلم الإجمالي بوقوع الخلاف و مخالفة بعض الاصول مع الواقع يقتضي عدم جريان الأصل.
الثالث: الكنز و هو المال المذخور في الأرض أو الجبل أو الجدار أو الشجر و المدار الصدق العرفي، سواء كان من الذهب أو الفضة المسكوكين أو غير المسكوكين أو غيرهما من الجواهر و سواء كان في بلاد الكفار الحربيين أو غيرهم أو في بلاد الإسلام في الارض الموات أو الارض الخربة التي لم يكن لها
____________
و يرد على الوجه الاول: انه لا دليل عليه و الا يلزم في مورد يشك المكلف في اشتغال ذمته للغير و احتمله ان يجب عليه الاحتياط و عدم جريان الاصل و هذا يضحك الثلكى.
و يرد على الوجه الثاني ان ما المراد بالعلم بالوقوع في خلاف الواقع، فان كان المراد بالنسبة الى غير المكلف من بقية المكلفين فلا اثر للعلم التفصيلي فكيف بالعلم الإجمالي.
مثلا لو علم زيد ان بكرا يقع في خلاف الواقع باجراء الاصل العملي في الموضوع الفلاني لا يكون علمه مانعا عن جريانه بالنسبة الى نفسه.
و ان كان المراد علمه الإجمالي بالنسبة الى نفسه فنلتزم بعدم الجريان في موارد العلم الإجمالي- كما هو المقرر عندهم- و نحن قد ناقشنا و قلنا لا مانع عن الأخذ بدليل الأصل بالنسبة الى بعض الاطراف و تفصيل الكلام موكول الى مجال آخر.
ثم انه لو قلنا بلزوم الاحتياط فاللازم دفع الخمس الى أهله لا الاحتياط فانه لا مقتضي للاختبار فلا تغفل.
مالك أو في أرض مملوكة له بالاحياء أو بالابتياع مع العلم بعدم كونه ملكا للبائعين و سواء كان عليه اثر الإسلام أم لا، ففي جميع هذه يكون ملكا لواجده و عليه الخمس و لو كان في أرض مبتاعة مع احتمال كونه لأحد البائعين عرّفه المالك قبله فان لم يعرفه فالمالك قبله و هكذا، فان لم يعرفوه فهو للواجد و عليه الخمس و ان ادّعاه المالك السابق فالسابق أعطاه بلا بيّنة و ان تنازع الملاك فيه يجري عليه حكم التداعي و لو ادّعاه المالك السابق إرثا و كان له شركاء نفوه دفعت إليه حصته و ملك الواجد الباقي و أعطى خمسه، و يشترط في وجوب الخمس فيه النصاب و هو عشرون دينارا (1).
____________
(1) الظاهر انه لا اشكال و لا كلام في أصل الحكم مضافا الى الارتكاز المتشرعي القاضي بوجوب الخمس في الكنز بالاضافة الى نقل الاجماع عليه عن غير واحد.
أضف الى ذلك جملة من النصوص الكثيرة الدالة على الحكم المذكور، منها ما رواه الحلبي، انه سأل أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن الكنز كم فيه؟ فقال: الخمس ... الحديث (1).
الى غيره من الروايات الواردة في هذا الباب و غيره من بقية الابواب و سيمرّ عليك بعضها إن شاء اللّه تعالى، فلا كلام في أصل الحكم و وجوب الخمس في الكنز
____________
(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث: 1.