25
و في تاج العروس قال: «و يقال: ضمن الشيء بمعنى تضمنه، و منه قولهم:
مضمون الكتاب كذا و كذا- الى قوله- و ناقة ضامن و مضمان حامل» (1).
و في لسان العرب قال: «و ضمن الشيء إذا أودعه إياه كما تودع الوعاء المتاع و الميت القبر و قد تضمنه هو قال ابن الرقاع يصف نافة حاملا.
أوكت عليه مضيقا من عواهنها * * *كما تضمن كشح الحرة الحبلا
(2)
و من هذا العرض لآراء اللغويين نعرف ان الضمان مأخوذ من الضمن لا من الضم. فاذا قال: ضمنت مالك، فمعناه أني أدخلت في حيازتي، و عهدتي لا أنني ضممت مالك إلى مالي لما يرد على هذا الرأي من أنه لو كان أصل ضمن هو ضم بالميمين فلا وجه لتجريده من أحد ميميه و إبدالها بالنون فالمتعين ان ضمن أصل برأسه.
في اصطلاح الفقهاء:
فان الضمان هو إدخال المضمون في عهدة الضامن، و القيام من جانبه بكافة ما يترتب على هذا الإدخال، و الجعل من أحكام. و بهذا يكون قريبا من مفهومه اللغوي (3).
____________
(1) تاج العروس: مادة ضمن.
(2) لسان العرب: مادة ضمن.
(3) الاصطلاح المذكور للضمان ذهبت إليه الشيعة الإمامية. قال الشهيد في المسالك: «الضمان عندنا مشتق من الضمن لأنه يجعل ما كان في ذمته من المال في ضمن ذمة أخرى، أو لأن ذمة الضامن تتضمن الحق فالنون فيه أصيلة بناء على أنه ينقل المال من الذمة إلى الذمة» كتاب الضمان.
و أما فقهاء العامة: فالغالبية منهم لا يرون هذا الرأي، بل يرون الضمان مأخوذا من الضم و النون فيه زائدة، و يتحصل من ذلك الفرق بين المصطلحين كالآتي:
أن فقهاء الشيعة: يرون الضمان ناقلا للدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن بحيث تفرغ ذمة المضمون عنه من المال، و الى مثل هذا ذهبت بعض المذاهب المهجورة منهم. كأبي ليلى، و ابي ثور، و داود حسبما جاء في كتاب رحمة الأمة بهامش الميزان للشعراني 1/ 194.
أما بقية المذاهب: فحيث أخذوا الضمان مشتقا من الضم فإنهم لا يرونه ناقلا بل إنما يفيد اشتراك الذمتين الضامن و المضمون عنه في المطالبة أمام المضمون له لا النقل فالدين باق على ذمة المضمون عنه و إنما للمضمون له المطالبة لأي منهما شاء الضامن و المضمون عنه، قال في رحمة الأمة: «اتفق الأئمة على جواز الضمان و أنه لا ينتقل الحق عن المضمون عنه الحي بنفس الضمان بل الدين باق في ذمة المضمون عنه لا يسقط عن ذمته بالأداء. رحمة الأمة بهامش الميزان: 1/ 194 نعم، ذهبت الحنفية إلى الترديد بين التشريك في أصل الدين، أو المطالبة و لكنهم رجحوا التشريك في المطالبة. قال عالمگير بادشاه الحنفي في الكفالة: «قيل هي ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة، و قيل في الدين، و الأول أصح» الفتاوى الهندية 3/ 252، طبعة ديار بكر تركيا.
و معنى القول الثاني هو أن الضامن يكون شريكا في المضمون في تحمل الدين، و لكنه كما في بقية مصادر الفقه الحنفي رجح القول الأول، و هو التشريك في المطالبة بمعنى إعطاء الصلاحية للمضمون له في مطالبة أي من هذين شاء الضامن و المضمون عنه. أما الدين فهو باق على ذمة المضمون عنه.