قالوا: و إنّما سمّيت صاحبة يزيد بن الطّثريّة حوشيّة على هذا المعنى (1) .
و قال رؤبة: [من الرجز]
جرت رحانا من بلاد الحوش (2)
123-[رد على ما زعموا من مطر الضفادع و الشبابيط]
و أما الذي زعم أنّهم مطروا الشّبوط (3) ، فإنه لما ظنّ أنّ الضفادع التي تصاب بعقب المطر (4) ، بحيث لا ماء و لا وحل و لا عين و لا شريعة-فإنهم ربّما رأوها وسط الدّوّ و الدّهناء و الصّمّان (5) -و لم يشكّ أنّها كانت في السحاب و علم أنّها تكون في الأنهار و منابع المياه، و ليس ذلك من الذكر و الأنثى، قاس على ذلك الظنّ السمك، ثم جسر فجعل السمك شبّوطا. و تلك الضفادع إنما هي شيء يخلق تلك الساعة، من طباع الماء و الهواء و الزمان و تلك التّربة، على مقادير و مقابلات، و على ما أجرى اللّه تعالى عليه نشأة الخلق.
124-[امتناع التلاقح بين بعض الأجناس المتقاربة]
و قد تعرف القرابة التي تكون في رأي العين بين الشكلين من الحيوان فلا يكون بينهما تسافد و لا تلاقح، كالضأن و المعز، و كالفأر و الجرذان، فليس بالعجب في البقر و الجواميس أن تكون كذلك. و قد رأينا الخلاسيّ (6) من الدجاج و الدّيكة، و هو الذي تخلّق من بين المولّدات و الهنديّات، و هي تحمل اللحم و الشحم.
و زعم لي مسعود بن عثمان، أنه أهدى إلى عمرو بن مسعدة، دجاجة و وزن فيها سبعة عشر رطلا بعد طرح الأسقاط و إخراج الحشوة.
____________
(1) سماها «حوشية» أيضا المبرد في الكامل 2/523. و هي وحشية الجرمية. انظر ديوان يزيد بن الطثرية 17-19، و أعلام النساء 5/275-276.
(2) البيت في ديوان رؤبة 78، و اللسان و التاج (حوش) ، و المقاييس 2/119، و تهذيب اللغة 5/142، و مجمل اللغة 2/122.
(3) انظر الفقرة (113) .
(4) ربيع الأبرار 5/440.
(5) الدوّ: الفلاة الواسعة، و قيل: الأرض المستوية. (اللسان: دوا) . الدهناء: سبعة أجبل من الرمل، من ديار بني تميم، بين مكة و البصرة (معجم البلدان 2/493) . الصمان: أرض غليظة دون الجبل، كانت لبني حنظلة، و الصمان متاخم للدهناء. و الصمان جبل؛ أو بلد لبني تميم.
و الصمان: من نواحي الشام بظاهر البلقاء. (معجم البلدان 3/423) .
(6) الخلاسي من الديكة: بين الدجاج الهندية و الفارسية. اللسان: خلس 6/66.