العقليّة، فإرادة معناهما الحقيقي هنا في المقام، أقرب إلى التشبيه و المجاز و المسامحة، منه إلى الحقيقة.
الاعتراض الثالث، هو: إنّ المسألة ناظرة إلى مقام الثبوت، بينما بحثنا في مقام الإثبات، فلا ربط له بها.
و توضيحه: إنّ المسألة مطروحة في الفلسفة لتحقيق أنّ الجنس هل يبقى بعد ارتفاع الفصل، أو إنّه يستحيل بقاؤه؟.
فلو قلنا: بأن الجنس يبقى، فليس معنى ذلك أنّه باق فعلا و حتما، و نحن نبحث عن أنّه هل هو باق، أولا؟ إذن فيحتاج إلى تخريج آخر.
و إن شئت قلت: إنّ المسألة مطروحة في الفلسفة، لتحقيق مقام الثبوت، أي: إنّها تبحث عن إمكان بقاء الجنس بعد زوال فصله، أو استحالته على مستوى الإمكان العقلي، بينما بحثنا في المقام إثباتي، بمعنى أنّ الدليل المنسوخ هل يمكن أن يستفاد منه بقاء الجواز إثباتا أم لا، و عليه، فلا ربط بين البحثين.
و هذا الاعتراض أيضا غير صحيح: لأنّ مقصود من يفرّع هذه المسألة على تلك المسألة، أن يقول: إنّه بعد الفراغ عن عدم تبعيّة الدلالة التضمّنية للدلالة المطابقيّة في الحجيّة، إذن نطبّق هذه الكبرى في المقام، فنتمسك بالدلالة التضمّنيّة لدليل الوجوب للإثبات على الجواز، و التمسك بذلك فرع إثبات إمكان بقاء الجنس بعد ارتفاع الفصل.
و توضيحه، هو: إنّ الوجوب يدل تضمنا على الجنس و الفصل، فدليل الوجوب يدل تضمنا على الجنس، و في المقام، الدلالة المطابقيّة لدليل الوجوب سقطت، فهل تتبعها الدلالة التضمّنية في السقوط، أو إنّها لم تسقط بعد؟.
فإذا قلنا: بأنّ الجنس يبقى بعد ارتفاع الفصل، إذن لا يعلم ببطلان المدلول التضمّني، و ما لم يعلم ببطلانه و سقوطه فهو باق على حجيّته.