و التحقيق هو أنّ لسان تنزيل الإمارة منزلة القطع الطريقي، هو أيضا لسان معقول من ألسنة أدلة الحجيّة و جعل الحكم الظاهري، بمعنى أنّه لو ورد في دليل من أدلة الحجيّة، تنزيل الإمارة منزلة القطع الطريقي لكان أمرا معقولا.
و ذلك: إمّا بأن يفرض أنّ تنزيل الإمارة منزلة القطع إنّما هو بلحاظ حيثيّة شدة اهتمام المولى، فيكون التنزيل بمثابة جملة خبرية، مرجعها إلى إخبار المولى عن أنّه، كما أنّه شديد الاهتمام في موارد التكاليف المعلومة، و لا يرضى بتفويتها، فكذلك هو شديد الاهتمام في موارد التكاليف المظنونة بالظن الخبري و لا يرضى بتفويتها أيضا.
و إمّا أن يكون تنزيلا للإمارة، منزلة العلم في المنجزية، بناء على ما قلناه من إمكان جعل المنجزية تبعا، و تسبيبا، باعتبار أنّ المنجزية الواقعية تحت سلطان المولى بتبع منشئها، فيكون التنزيل بلحاظ واقع المنجزية.
و يمكن أن يكون التنزيل بمعنى إسراء المنجزية عنوانا من المنزّل عليه إلى المنزّل، بمعنى إنشاء نفس التنزيل، أي إنشاء كون هذا بمنزلة ذاك، فإنّ هذا أيضا لسان من ألسنة إبداء ذلك الاهتمام الّذي هو ملاك تنجيز الواقع بالإمارة، فكل هذه الأنحاء و الصياغات معقولة في نفسها، و تؤدّي غرضا ثبوتيا واحدا.
3- الأمر الثالث: هو أنّهم بعد أن فرغوا، عن أنّ جعل المنجزية للإمارة ابتداء غير معقول، و فرّعوا عليه، أنّ تنزيل الظن منزلة العلم ليس من ألسنة أدلة الحجيّة، أي أنّه لا يفي بتنجّز الواقع، و بإقامة الإمارة مقام القطع الطريقي، حينئذ انقسموا إلى فريقين اعتمد كل فريق أساسا لتخريج قيام الإمارة مقام العلم.
فذهب الفريق الأول إلى اعتماد أساس الطريقية، كما هو عليه