الاتجاه الثاني: الالتزام بإرجاع التخيير الشرعي إلى التخيير العقلي
قوله (قدس) ص 367: «الاتجاه الثاني: ارجاع التخيير الشرعي .... الخ».
و أما الاتجاه الثاني في تفسير و تحليل حقيقة و واقع الوجوب في موارد التخيير، فقد ذهب أصحابه إلى إرجاع التخيير الشرعي إلى التخيير العقلي، و الالتزام بأن الوجوب يتعلق بالجامع دائماً من دون فرق بين التخيير الشرعي و التخيير العقلي و لو كان ذلك الجامع عبارة عن: عنوان (أحدها) في موارد التخيير الشرعي (1)، و استدلوا لذلك ببرهانين:
الأول: استحالة الوجوبات المشروطة فيتعين هذا؛ و ذلك لأن الوجوب إما أن يفرض تعلقه بالجامع بين البدائل، و إما أن يفرض تعلقه بنفس البدائل مباشرة، و حيث إن المطلوب أحد البدائل لا جميعها، فلا بد من افتراض تعلقه بكل واحد منها على نحو مشروط، و بما أن الافتراض الثاني يلزم منه لوازم فاسدة لا تتناسب مع الوجوب التخييري كما أشرنا إلى ذلك في الرد على الاتجاه الأول، فيتعين الافتراض الأول، و هو: تعلقه بالجامع كما هو الحال في موارد التخيير العقلي، و هذا يعني: رجوع التخيير الشرعي إلى التخيير العقلي.
الثاني: إن الوجوب التخييري في موارد التخيير الشرعي كالوجوب التخييري في موارد التخيير العقلي من حيث إنه ناشئ من ملاك و غرض واحد، فهو وجوب واحد في كلا الموردين يقتضي امتثالًا واحداً و عقاباً واحداً، فلو فرض أن كل واحد من البدائل يكون بعنوانه الخاص متعلقاً للوجوب، للزم صدور الواحد- و هو: الملاك- من الكثير- و هي: تلك البدائل- حيث إن كل واحد منها بعنوانه يكون محققاً لذلك الملاك بحسب
____________
(1) و هذا الوجه هو الذي يظهر من كلمات السيد الخوئي، حيث جاء عنه في محاضرات في أصول الفقه، ج 4، ص 39 ما نصه:) الذي ينبغي أن يقال في هذه المسألة تحفظاً على ظواهر الأدلة، هو: أن الواجب أحد الفعلين أو الأفعال لا بعينه، و تطبيقه على كل منهما في الخارج بيد المكلف، كما هو الحال في موارد الواجبات التعيينية، غاية الأمر أن متعلق الوجوب في الواجبات التعيينية، الطبيعة المتأصلة و الجامع الحقيقي، و في الواجبات التخييرية الطبيعة المنتزعة و الجامع العنواني، فهذا هو نقطة انطلاق الفرق بينهما».