و كذلك مثل قولهم: لا تعطه ذرّة، حقيقة في المنع عن الإعطاء مطلقا، و هكذا.
و احتجّ القائل (1): بأنّه ليس من باب القياس، بأنّا نقطع بإفادة الصّيغة للمعنى من غير توقّف على استحضار القياس المصطلح.
و أجيب (2): بأنّ المتوقّف على استحضاره هو القياس الشرعيّ لا الجليّ، فإنّه بما يعرفه كلّ من يعرف اللّغة من غير افتقار الى نظر و اجتهاد.
أقول: بعد ما عرفت ما ذكرنا في القياس الجليّ، ظهر لك بطلان هذا الإطلاق في كلام المجيب، إلّا أن يريد بالجليّ هذا القسم الخاصّ منه.
و احتجّ القائل (3) بأنّه من باب القياس: أنّه لو قطع النّظر عن المعنى المناسب الموجب للحكم الجامع بينهما، و عن كونه آكد في الفرع لما حكم به، و هو معنى القياس.
و أجيب (4): بأنّه لم يعتبر لإثبات الحكم حتّى يكون قياسا، بل لكونه شرطا في دلالة الملفوظ على حكم المفهوم. يعني أنّ الانتقال الى الفرع بواسطة ملاحظة المعنى المناسب، ليس من باب القياس بأن يفهم المخاطب هذا المعنى بتوسّط حركة ذهنيّة سريعة من الأصل الى الفرع، و ملاحظة المعنى المناسب للحكم، بل بواسطة تبادر المعنى الى الذّهن من اللّفظ أوّلا بواسطة الدلالة اللّفظيّة الالتزاميّة، و لو كان قياسا لما قال به النافي للقياس.
____________
(1) و هي حجّة النّافين كما نقلها في «المعالم» ص 519.
(2) و المجيب هو صاحب «المعالم» ص 519
(3) و هي حجّة الذّاهبين الى كون مثله قياسا كما ذكرها في «المعالم» ص 518.
(4) و المجيب هو صاحب «المعالم» ص 519