منهم في بيت المقدس. و لما كان بنو إسرائيل يحجون الى بيت المقدس في كل سنة خاف «يربعام» على ملكه إن اذن لهم في الحج اليه من «رحبعام» و اتباعه ان يصرفوهم عنه، او ان يميلوا اليه، فصنع لهم عجلين من ذهب، وضعهما في (دان) و «بيت إيل» و قال: هو ذا آلهتك يا إسرائيل الذين اصعدوك من أرض مصر، و أمر الناس بعبادتهما و الحج اليهما، فأطاعوه، و صاروا بذلك مشركين شركا آخر بعد عبادة العجل.
فكيف تقول- يا أخا اليهود-: إن اليهود ما اشركوا باللّه تعالى و ما اتخذوا إلها غير اللّه تعالى، و انهم كانوا موحدين، و عن غير اللّه معرضين؟ ..
فاعترفوا- حينئذ- بما ذكر من عبادتهم للاصنام بنحو ما ذكره و عجبوا من اطلاعه على ما لم يطلع عليه أحد من أمرهم.
ثمّ قال لهم- أيده اللّه تعالى- و حينئذ كيف جاز لسليمان أن يهم بقتل «يربعام» قبل جنايته و لا يجوز ذلك في شريعة موسى (عليه السلام) و لا في شريعة غيره من الانبياء (عليهم السلام)، و كان سليمان على شريعة موسى (ع) و لو جاز له ما لم يكن جائزا لموسى (ع) كان النسخ جائزا- و انتم تنكرون النسخ- فسكتوا.
و قال كبيرهم داود: كلامكم- يا سيدنا- على العين و الرأس.
فقال لهم- أيده اللّه تعالى-: أخبروني: هل كان بينكم- يا معاشر اليهود- خلاف، أو في كتبكم تباين و اختلاف؟
فقالوا: لا.
فقال لهم: كيف ذلك- و قد افترقتم على ثلاث فرق، تشعب منها احدى و سبعون فرقة و هذه «السامرة» فرقة عظيمة من اليهود، تخالف اليهود في اشياء كثيرة، و التوراة التي في أيديهم مغايرة لما في ايدي باقي اليهود.