واجبها، لأن الغرض من وجوبها هو التوصل بها اليه، و مع الاصرار على تركه فلا داعي لوجوبها. و بكلمة: لما ذا نصب السلّم اذا لم ترد الكون على السطح؟
و هذا القول يحمل في طياته الرد عليه، لأن معناه ان التكاليف الشرعية تناط بإرادة المكلف، و عندئذ يسوغ لقائل أن يقول: و على الاسلام السلام!.
أما الباعث الأول على هذه الدعوى الغريبة فهو تصحيح العبادة اذا كان تركها مقدمة لواجب أهم، مثال ذلك أن يضيق وقت الصلاة و لا يبقى منه إلا بمقدار فعلها فقط، و صادف في هذا الوقت الضيق ان من يريد الصلاة فيه رأى غريقا يقدر على غوثه و خلاصه. و عندئذ يجب عليه ترك الصلاة كمقدمة- في رأيه- لاستنقاذ الغريق لأنه أهم و أعظم، و عليه يكون فعل الصلاة في هذا الوقت محرما، و تركها واجبا، فإذا قدّم الصلاة على غوث الغريق تكون باطلة لأنها محرمة و غير مقبولة إذ لا يطاع اللّه من حيث يعصى، هذا اذا كان قاصدا خلاص الغريق بعد الصلاة، أما اذا كان منصرفا عنه منذ البداية فلا يكون ترك الصلاة واجبا لأنه ليس بمقدمة في هذه الحال، و بالتالي فلا يكون الإتيان بالصلاة محرما و يصح التقرب بها الى اللّه. و ندع الكلام عن ذلك الى الفصل التالي «مسألة الترتب» فإلى هناك.
و قال آخر: لا بد في المقدمة من قصد التوصل بها الى واجبها كقيد لوجوده لا كشرط لوجوب المقدمة نفسها! و نسب هذا القول الى الشيخ الانصاري في التقريرات، و أنكر الأقطاب هذه النسبة الى الشيخ الكبير لأن مثلها لا ينسب الى مثله، كيف؟ و وجوب الواجب إنما يتوقف على مجرد وجود المقدمة- غير الطهارات الثلاث- سواء أقصد بها التوصل الى واجبها أم لم يقصد، بل يوجد الواجب النفسي حتى و لو قصد عدم التوصل بمقدمته كما هو الشأن في الساتر حين الصلاة، فكل المصلين يلبسونه بدافع آخر غير التوصل الى صحة الصلاة و مع هذا تصح بلا ريب.
و ربما كان السبب الموجب لهذا القول أن عنوان المقدمة لا يتحقق إلا بهذا القصد، و يرده بأن عنوان المقدمة يتوقف على إمكان التوصل بها لا على قصده.
الأصلي و التبعي
قال بعض الأصوليين: ينقسم الواجب أيضا الى أصلي و تبعي. و لم أجد لهذا