ثانيهما: جريان استصحاب الجنابة في مورد القطع بجنابة سابقة و الاغتسال منها ثمّ رأى منيّاً في ثوبه صار سبباً للقطع بالجنابة لنفسه من هذا المنيّ المهراق في الثوب، فإنّه يقطع بحصول عنوانين: أحدهما الجنابة السابقة، ثانيهما الجنابة الحاصلة عند إهراق المنيّ في الثوب، فيحتمل كونها منطبقةً على واحدٍ مرتفعٍ قطعاً و يحتمل كونها منطبقةً على فرد آخر من الجنابة، فهذا من القسم الرابع فيجري فيه الاستصحاب (1).
أقول: في تصوير القسم الرابع و في تفريع الاستصحاب في الفرعين على ذلك و في نفس جريان الاستصحاب في الفرعين نظر و إشكال:
أمّا الأوّل فلأنّ ذلك قسم من القسم الثاني، لأنّ عنوان الهاشميّ في المثال مردّد بين وجوده في ضمن العالم حتّى يكون مرتفعاً قطعاً أو في ضمن فرد آخر طويل مقطوع البقاء. و كونُ الفرد القصير بنفسه واجداً لعنوان آخر لا أثر له حتّى يبحث عنه مستقلّاً، فإن قلنا بأنّ دوران الأمر الكلّيّ بين مقطوع الارتفاع و مقطوع البقاء غير مضرّ باستصحاب المشكوك فلا فرق بين المورد و غيره.
و أمّا الثاني فلأنّ إشكال الاستصحاب في الفرعين ليس من جهة الإشكال في استصحاب القسم الرابع من الكلّيّ و لذا لا يتصوّر إشكال في مثال العالم و الهاشميّ؛ إنّما الإشكال في الاستصحاب فيهما امور:
منها: احتمال فصل اليقين بين المتيقّن و المشكوك، إذ حين تحقّق الحدث يقطع بعدم الطهارة، و القطع المذكور موجود حين الشكّ، فإذا احتمل كون الطهارة عند الوضوء قبل الحدث فيحتمل فصل اليقين التفصيليّ الوجوديّ. و كذا بالنسبة إلى مثال الجنابة، فإنّه في يوم الجمعة- مثلًا- يقطع بعدم الجنابة الحاصلة له في ليلته، و يحتمل أن تكون الجنابة الحاصلة عند إهراق المنيّ في الثوب هي بعينها فيحتمل فصل اليقين.
و منها: أنّه ليس الشكّ في بقاء الطهارة في الأوّل و في الجنابة في الثاني، بل
____________
(1) مباني الاستنباط (تقريراً لأبحاث آية اللَّه العظمى الخوئيّ (قدس سره)): ج 4 ص 113- 114.