الرواية بلفظها أو بمفادها (1).
أقول: و عندي في كشف الإجماع المذكور على فرض تحقّقه عن رأي المعصوم (عليه السلام) إشكال، من جهة أنّ عدم الرجوع إلى الأموات في عصر المعصومين و ما يقاربه لعلّه من باب عدم تعارف تأليف كتاب بعنوان ذكر الآراء، بل المعمول عندهم تأليف الروايات بألفاظها أو بنقل المعنى بلا سند كالمقنع، أو مع السند الكامل كالكافي، أو مع ذكر أصحاب الكتب و ذكر المشيخة في الآخر كالفقيه و التهذيب.
و أمّا عدم الرجوع مع الإمكان و وجود كتاب الفتوى فغير واضح حتّى يكشف ذلك عن رأي المعصوم (عليه السلام).
مضافاً إلى إمكان أن يكون الوجه في آرائهم هو ظهور الروايات في الرجوع إلى الأحياء، فكما أنّ العرف لا يفهم من جعل شخصٍ متولّياً للوقف توليته له حيّاً و ميّتاً بحيث يكتب ما يصلح للوقف فيرجع الموقوف عليهم إلى المكتوب و كذلك في جعل الوالي و الحاكم و كذا الوكيل، كذلك في جعل الحكومة و القضاوة و الحجّيّة؛ كما أنّ الأمر في الحجّة عن اللَّه كذلك، فإنّ الحجّة الفعليّة بينه و بين خلقه هو الحجّة بن الحسن المهديّ، و الامور مربوطة إليه، و لا ينافي حجّيّة أقوالهم، لأنّها بمنزلة الروايات عنه تعالى، و لم يعهد منهم (عليهم السلام) حكم ولائيّ بالنسبة إلى ما بعد وفاتهم و إن كان لا بدّ من التتبّع.
و بذلك يظهر الجواب عن الاستصحابات المذكورة في محلّه بالنسبة إلى البقاء و الابتداء، لأنّ الحجّة مقدّمة على الاستصحاب إن فرض الظهور في الأحياء.
و أمّا على فرض الإجمال من تلك الجهة و كون القدر المتيقّن من ظهوره الأحياء فقد يمكن القول بجريان الاستصحاب على حسب ما بيّنّاه في التعليق على العروة الوثقى.
____________
(1) مطارح الأنظار: ج 2 ص 438- 440.