ذكر سلطان بنجالة
و هو السلطان فخر الدين (303) الملقب بفخرة، بالفاء و الخاء المعجم و الراء، سلطان فاضل محبّ في الغرباء و خصوصا الفقراء و المتصوفة و كانت مملكة هذه البلاد للسلطان ناصر الدين بن السلطان غياث الدين بلبن و هو الذي ولي ولده معزّ الدين الملك بدهلي، فتوجه لقتاله و التقينا بالنّهر، و سمّي لقاؤهما لقاء السّعدين، و قد ذكرنا ذلك (304) و أنه ترك الملك لولده و عاد إلى بنجالة فأقام بها إلى أن توفي.
و ولى ابنه شمس الدين إلى أن توفى فولى ابنه شهاب الدين، إلى أن غلب عليه أخوه غياث الدين بها دور فاستنصر شهاب الدين بالسلطان غياث الدين تغلق فنصره و أخذ بهادور بور أسيرا، ثم أطلقه ابنه محمد لما ملك على أن يقاسمه ملكه، فنكث عليه فقاتله حتى قتله، و ولّى على هذه البلاد صهرا له فقتله العسكر، و استولى على ملكها علي شاه (305)، و هو إذ ذاك ببلاد اللّكنوتي، فلما رأى فخر الدين أن الملك قد خرج عن أولاد السلطان ناصر الدين و هو مولى لهم، خالف بسدكاوان و بلاد بنجالة و استقل بالملك و اشتدت الفتنة بينه علي شاه، فإذا كانت أيام الشتاء و الوحل أغار فخر الدين على بلاد اللّكنوتي في البحر لقوته فيه، و إذا عادت الأيام التي لا مطر فيها اغار على شاه على بنجالة في البر لقوّته فيه.
حكاية [الفقير شيدا]
و انتهى حبّ الفقراء بالسلطان فخر الدين إلى أن جعل أحدهم نائبا عنده في الملك بسدكاوان، و كان يسمى شيدا، بفتح الشين المعجم و الدال المهمل بينهما ياء أخر الحروف و خرج إلى قتال عدوّ له فخالف عليه شيدا و أراد الاستبداد بالملك، و قتل ولدا للسلطان فخر الدين لم يكن له ولد غيره (306)! فعلم بذلك فكّر عائدا إلى حضرته ففر شيدا و من تبعه إلى
____________
(303) بعد قمع ثورة غياث الدين بهادر. ضلّ بهرام خان الغلام المتبنّى لمحمد بن تغلق كحاكم على بلاد البنغال الشرقية في سونار گاون(Sonargaon) إلى أن توفي حوالي عام 737- 1337 و قد أعلن خلفه الاستقلال عام 738- 1338 تحت اسم فخر الدين مبارك شاه 1338- 1349- ولده و خلفه اختيار الدين غازي أقصى عن الحكم عام 1352 من لدن شمس الدين إلياس الذي وحّد سائر بلاد البنغال.
(304) راجع- الجزءIII ، 175، 177، 178
(305) أنظر التعليق السابق رقم 302. في الحقيقة فخر الدين عليّ قام بالثورة على الأقل سنة قبل علاء الدين علي.
(306) مع ذلك فإنه يظهر أنه هو ولده الذي خلفه عام 1349- 750- أنظر التعليق رقم 303.